عودة الجميل: فرادة مشروع أم مشروع فرد

0

الجمعة 04/08/2000:
لماذا عاد امين الجميل؟

ما هي مفاعيل عودته، وكيف ستنعكس على الوضع في الشارع الماروني بشكل خاص وعلى الساحة السياسية اللبنانية بشكل عام؟

ترى اوساط متابعة ان عودة الرئيس الاسبق تنبع أساسا من شعور داخلي لديه بأن كل ما فعله خلال سنوات المنفى ـ الاجباري 1988 ـ 2000، لم يضف الى رصيده السياسي أي مكتسبات، بل بالعكس فإن التحركات (غير المدروسة) التي قام بها على مدى هذه السنوات اضافت الكثير من الغبار على صورته السياسية التي لم تكن اصلا نظيفة خلال وجوده في الحكم بين عامي 1982 و1988.

الجميل الذي خرج من الحرب (التي سبقت الاجتياح) بصفة محامي الشيطان (الانعزالي) وصل الى الرئاسة على “صهوة” الدبابة الصهيونية، وأطلق مدافعه الكلامية من واشنطن على دمشق، ووقع اتفاقية السابع عشر من أيار مع العدو، وحاول القضاء على كل صوت معارض لمشروعه السياسي المرتبط بواشنطن وتل ابيب.

و لما عجز عن تحقيق هذه الآمال بأسلوبه المباشر و”الفاجوحي” عمد الى الالتفاف على الاحداث محاولا تحقيق ما يريد من خلال اسلوب التفاهمات والمؤتمرات مع الاطراف الاخرى على الساحة المحلية، والتي كانت تصل دائما الى الفشل.

بقي الوضع يتفاقم خلال فترة حكمه حتى عام 1988. وبرغم عشرات القمم التي عقدها مع القيادة السورية في دمشق، خرج من الحكم وسط معادلة مكوناتها على الشكل التالي:

ـ مقاطعة شاملة مع “المنطقة الغربية” (آنذاك).

ـ تنافس شديد مع الجيش بقيادة ميشال عون الذي استطاع، لأسباب عديدة، ان يستولي على الحكم بعد انتهاء ولاية الجميل عبر بدعة الحكومة العسكرية.

ـ احتراب داخلي مع “القوات اللبنانية” التي لم تلبث ان انقلبت عليه وسيطرت على كل “مؤسساته” وفي النهاية طردته خارج البلاد، مغلقة مع خروجه سنوات من النفوذ السياسي لآل الجميل، بدأت مع بيار الجميل الجد، ولا يبدو انها ستعود مع بيار (أمين) الجميل الحفيد.

في الخلاصة خرج الجميل ولا احد راض عنه، لا في المنطقة الشرقية ولا في المنطقة الغربية.

وبعد حركات بهلوانية في السياسة، تقلب خلالها بين باريس ـ مركز إقامته شبه الدائم ـ وأوستراليا وواشنطن (وربما تل ابيب كما روّجت بعض المصادر) لم يجد امين الجميل من يصفق له في كل هذه المواقع، كما ان تصريحاته التي اطلقها في مقابلات صحافية وعبر العديد من الفضائيات العربية لم تشفع له في الحصول على دور سياسي كبير، وهو الذي ملأها بالاحاديث المكرورة عن السيادة المنتقصة وعن السلام الواجب مع العدو الصهيوني وعبثية المقاومة والعبء الذي تفرضه على لبنان.

اليوم عاد امين الجميل، وفي عودته يبدو كمن يحاول التطهر من كل ما صدر عنه من تصرفات، والتبرؤ من مكل ما ادلى به من مواقف، لينضم الى صف اتفاق الطائف بعدما كان من اشد المعارضين له والناقمين عليه، وليلعب اللعبة السياسية سواء على صعيد الموالاة او المعارضة ـ من داخل النظام لا من خارجه.

بهذا الاسلوب يحاول الجميل ان يستعيد بعض بريق سياسي كان يتمتع به في الشارع المسيحي قبل ان يستنفده على مدى سنوات حكمه، وهو قد يستطيع، ما دامت معظم القيادات المارونية الاخرى التي تقيم خارج البلاد او خارج النظام “ذابلة” او “منطفئة” ولا وجود لها إلا في الاعلام وعلى صفحات الجرائد.

استغل امين الجميل بذكاء فرصة الاشكال الذي حصل معه حول قضية حضوره اربعين الرئيس حافظ الاسد، واتخذ منه جسرا استطاع من خلاله تعبئة بعض الجماهير التي احتشدت لاستقباله ولكن السؤال: حتّام يستطيع الحفاظ على هذا التجمع، وهل تجد مواقفه صدى في الشارع، ام ان كل ما سيستطيع عمله هو اضافة شرخ جديد الى حزب الكتائب عبر اقتطاع “كتائب بيار الجميل” التي يطالب بإحيائها وتزعمها كتيار جديد على الساحة، بالتوازي مع التيارات المهمشة والمنقسمة على نفسها التي تلعب عليها؟.

محمود ريا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.