رسالة

0

الجمعة 28/07/2000 :

بعيدا عن الغوص في التفاصيل، والدخول الى متاهات الخروق، اعدادا واحجاما وتكرارا، تستوقف المتابع لمسألة التعاطي اللبناني مع الاعتداءات الصهيونية ـ المتواصلة ـ ملاحظة تتعلق بروحية المواجهة، هذه الروحية التي تنعكس بدورها على طريقة المعالجة بشكل يمكن القول عنه ان لبنان لم يشهده من قبل.

لقد عانى المفاوض اللبناني ـ مع الامم المتحدة ـ خلال الفترة الماضية من الكثير من الوشوشات والاشارات التي كان البعض يمررها هنا وهناك في طيات المقالات وفي سياق بعض الاخبار، وكلها تجمع على ان لبنان يتحدى الامم المتحدة، وهو من خلال رفضه لما يعرض عليه يرفض الانتماء الى النظام (النظام؟) العالمي الجديد، ويعمل على اقصاء نفسه عن مسيرة السياسة الدولية ويعرض نفسه للعقوبات وللخسارة، ويضع نفسه في مهب ريح من الضغوطات لا يستطيع تحملها، ولن تكون نتائجها لمصلحته ابدا على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية وحتى الامنية.

هؤلاء انفسهم، المسربون والممرون والمزكزون لم يرعووا، وبعد شهرين ما زالوا يرددون التسريبات نفسها ويكررون التعبيرات بحذافيرها، وكأنها صادرة من كمبيوتر (دكتيلو؟) واحد، يوزعها عليهم ـ مع احتياجاتهم ـ وما عليهم سوى نثرها داخل مقالاتهم التي لا تهدف الى شيء سوى الى تمرير هذه التسريبات.

يقولون اليوم ان لبنان اضاع شهرين بعد الانسحاب كان بامكانه ان يستفيد منهما من اجل الحصول على الرضى الدولي ومعه تتدفق المساعدات وينمو الاقتصاد وتتقدم البلاد ونعيش في واحة.. نفتقدها الان لان لبنان الرسمي والشعبي اصر على استعادة ارضه كاملة حتى “الخط الازرق”.

لهؤلاء، لا نذكرهم بأن لبنان حرر بصموده كيلومترات مربعة كثيرة كانت لا تزال محتلة، وكانت ستبقى لو ان الموقف اللبناني المقاوم لم يكن على الثبات الذي هو عليه، كما اننا لا نذكرهم بوعود المن والسلوى التي اغدقت على الاردن حتى يوقع اتفاقية مع الكيان الصهيوني، فلما وقع بقيت الوعود وعودا، وما زال الاردنيون يعيشون مرارة الانتظار.

لهؤلاء، نذكرهم فقط بأننا لا نعيش في رحاب نظام عالمي جديد، وانما في اجواء فوضى عالمية شاملة، هي اشبه بالغابة، والكائن الذي لا يستعمل اسلحة الدفاع التي يملكها ويقاتل بشراسة فان الذئاب لن تدعه بحالة حملا وديعا، بل سيتحول الى مجرد عظام.

الى هؤلاء مجرد رسالة، اكتبوا قناعاتكم لا ما يملى عليكم، فاذا كانت هذه هي قناعاتكم فعلا، فلبنان كله حكما وحكومة، شعبا ومقاومة قناعاتهم غير ذلك، وقد اثبتوا ان قناعاتهم هي التي حققت للبنان اهدافه واعادت ارضه.. فاستريحوا.

محمود ريا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.