استعادة لعدوان تموز (1993) ومفاعيله: إشارة الانطلاق لانتقال المعركة إلى داخل إسرائيل

0

 الجمعة 28/07/2000:

“إنني آسف لأن حزب الله تغلب علينا”.

بهذه العبارة لخص رئيس وزراء العدو (المقبور) اسحاق رابين رؤيته للحرب التي اسماها “تصفية الحساب”، والتي أراد لها ان تكون بداية النهاية لحزب الله والمقاومة الاسلامية، فإذا النتائج تنقلب عليه وعلى كيانه كوارث ظلت تتناسل كارثة بعد اخرى، حتى كانت النتيجة انسحابا ذليلا من الارض اللبنانية.

الزمان: صباح الاحد 25/7/1993.

المكان: كل لبنان من جنوبه الى شماله، الجبل والبقاع.

الحدث: الاجرام الصهيوني يتنقل بين خمسة وعشرين موقعا وهدفا لبنانيا وفلسطينيا وسوريا في ما يشبه اجتياحا جويا للبنان، فيما كانت المدفعية تدك القرى والبلدات القريبة من خطوط “المنطقة المحتلة” في الجنوب والبقاع الغربي.

الخلاصة: بدأ عدوان تموز.. انه الاكبر منذ الاجتياح الصهيوني للبنان عام 1982.

الهدف: اعلنه قادة العدو في الايام الاولى للعدوان: وقف اطلاق الكاتيوشا، ووقف عمليات المقاومة الاخرى، (رئيس الاركان ايهود باراك) وحتى القضاء على حزب الله وبعض الاحزاب الاخرى (رئيس الوزراء اسحاق رابين).

الا ان هذه الاهداف التي تضخمت في البداية عادت الى حجمها القزم، عندما اعلن رابين نفسه ان العملية هدفت الى الحصول على ضمانات لوقف الهجمات بصواريخ الكاتيوشا. في حين كان رئيس اركانه (حينها) ايهود باراك (رئيس الوزراء الحالي) اكثر وضوحا عندما قال: “اننا حققنا افضل مما نتوقع، فخففنا وتيرة اطلاق صواريخ الكاتيوشا”.

مع تقلص الاهداف (التي تصاعدت بسرعة ثم ضمرت بسرعة ايضا)، ظهر واضحا ان العملية التي استمرت سبعة ايام وأطلق خلالها العدو اكثر من خمسين ألف قذيفة، واستعمل كل ما لديه من اسلحة متطورة وتقنيات قتالية عالية، قد فشلت تماما في تحقيق الاهداف التي كان العدو يسعى اليها، وعلى رأسها ايجاد معادلات جديدة للصراع في الجنوب، ابرزها شل قدرة المقاومة الاسلامية على الرد على الاعتداءات الصهيونية، ان لم يكن القضاء على هذه المقاومة نفسها.

وما لم يتمكن الصهاينة من تحقيقه بقوة السلاح وجبروت العدوان، كادت “اخطاء” بعض المسؤولين تعطيه للعدو بشكل مجاني، من خلال دفع الجيش اللبناني الى المواجهة مع المقاومة، بما يكفل للعدو البقاء في الارض اللبنانية من دون أي مواجهة. الا ان وعي المقاومة وإدراك قيادة الجيش اللبناني (بقيادة العماد اميل لحود) والرعاية السورية للاجواء، احبطت انفجار هذا اللغم المدمر وأعادت الامور الى نصابها، فبقيت المقاومة في وضعها المريح الذي عجز الصهاينة عن زعزعته او حتى التأثير فيه، وتحولت الخطة الصهيونية الهادفة الى اثارة الشعب اللبناني على المقاومة من خلال تهجير ابناء قرى المواجهة ودفعهم الى العاصمة والمناطق الاخرى، الى فخ للصهاينة انفسهم، حيث تعاظم الالتفاف الشعبي والجماهيري حول المقاومة، وتحققت بوادر اجماع شامل يؤكد ضرورة استمرار المعركة ضد العدو الصهيوني حتى تحرير الارض المحتلة بالكامل.

وبعد تفكيك الالغام العسكرية والسياسية التي حاول العدو زرعها في درب لبنان من خلال عملية “تصفية الحساب”، جاءت عملية “شيحين” البطولية يوم 19/8/1993، وبعد تسعة عشر يوما بالضبط من انتهاء العدوان الصهيوني، لتسقط كل الامال الصهيونية بالضغط على المقاومة الاسلامية والقضاء على فاعليتها.

تسعة قتلى وخمسة جرحى (حسب اعتراف العدو) في ضربة واحدة كانوا الاعلان الرسمي عن سقوط تصفية الحساب، وعن بقاء المقاومة اقوى مما كانت في ساحة الصراع. فيما كان على العدو ان يدخل مرحلة جديدة عنونتها صحيفة “هيرالد تريبيون” الاميركية بالقول: “ان المعركة انتقلت الى داخل اسرائيل”.

محمود ريا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.