كاريكاتير

0

الجمعة 09/06/2000 :

من يشاهد ما يفعله الصهاينة بأنفسهم بعد الهزيمة التي تعرضوا لها في جنوب لبنان يدرك حجم التأثير الذي تركته هذه الهزيمة على جيش العدو وعلى حكومته، وحتى على مستقبل هذا الكيبان الغاصب.

ليس في الامر مبالغة، كما قد يحلو لبعض “العقلانيين” ان يحكموا على ما يكتبه “المندفعون” منا الذين يريدون ان يأخذوا هذا التأثير الى مداه الاقصى، ليتحول الى بحث في التغيرات البنيوية و”العقائدية” التي سيتركها الحدث الجنوبي على الكيان الغاصب.

الفكرة بسيطة، ومن ابلغ من عبر عنها تلك المشاهد القصيرة التي ينقلها تلفزيون المنار عن التلفزيون الصهيوني والتي يمكن وصفها بأنها “السكتشات” من الكوميديا السوداء تعبّر خير تعبير عن رؤية “المجتمع” الصهيوني لما حصل في الجنوب خلال الايام العشرة الاخيرة من شهر ايار المنصرم.

وأهمية هذه الفواصل انها تنقل بدقة وبدون أي “رتوش” او تعديلات او تنميقات ما يعتمل في قلب هذا “المجتمع” من مشاعر اقل ما يمكن قوله عنها انها مشاعر احباط وهزيمة تصل الى حد “اليأس من المستقبل”.

ولمن لا يسعفه الحظ برؤية هذه المشاهد القصيرة يمكن نقل فكرتها مختصرة.

المشهد الاول: يطل مقاتلو حزب الله من وراء التلة حاملين الراية الصفراء (دمى تمثلهم) وهم ينشدون (يستخدم منفذ هذا المشهد اللغة العبرية) من الذي انتصر، ويكون الجواب: حزب الله.. حزب الله، وهكذا تتردد الاسئلة، من الذي هزم “اسرائيل”، من الذي حقق ما يريده، من هو القوي الآن.. ويكون الجواب: حزب الله.. حزب الله.

المشهد الثاني: مذيع التلفزيون الصهيوني يتحدث مع المراسل في الشمال على الهواء مباشرة، وينقل المراسل خلال الحديث وجهة النظر الرسمية الصهيونية ومفادها ان الجيش الصهيوني يسيطر على الاوضاع وانه نفذ الانسحاب ضمن خطة مدروسة وانه يجلس الان على بعد عشرة امتار من الشريط الحدودي داخل المنزل، وبينما هو يتحدث يدخل مناصرون لحزب الله الى المنزل ويحملون المراسل بينما هو يواصل نقل وجهة النظر الرسمية ويقتادونه الى داخل لبنان، عندها يقول له المذيع التلفزيوني: (فلان الفلاني) مراسلنا في الشمال سابقا الوداع، فيحتج المراسل على ذلك معتقدا انه طرد من وظيفته من خلال قول المذيع انه مراسل سابق، ولكن المذيع يرد عليه بالقول: المقصود “الشمال سيابقا” أي انه لم يعد هناك منطقة شمالية في الكيان.

هل هذه المشاهد مجرد كاريكاتيرات تلفزيونية صغيرة؟

كلا، انها تعبير عن ازمة بنيوية يعبر عنها بلغة الشارع، وغالبا ما كانت هذه اللغة هي الاصدق في التعبير عن الحقيقة.

انها الهزيمة.. نعم، فهل يعترف بعض العرب لانفسهم بأن الصهاينة هزموا اخيرا؟

محمود ريا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.