سيطرة

0

الجمعة 17-11-2000:

تأتي دعوة مجلس الأمن الدولي لبنان الى استكمال بسط سيطرته على الحدود مع فلسطين المحتلة، كتفصيل  وإن كان مهماً  في سياق صورة متكاملة ينسج خيوطها اكثر من «فنان»، على اكثر من مستوى.

من هؤلاء الفنانين من يضع «الأساس» الذي تقوم عليه اللوحة، ومنهم من يرسم الشخصيات، وآخرون يضيفون الأضواء، بينما يتطوع البعض لوضع الظلال.. وهكذا حتى تخرج اللوحة متكاملة، كما يريدها صاحبها الذي يعمل الجميع عنده، بعضهم بأجر والبعض الآخر لمجرد «القربى».

لا يمكن النظر اذاً الى الدعوة الدولية كما هي، وإنما ينبغي التدقيق بما خلفها وما الذي تريد تحقيقه، وعندها فقط يمكن فهم مغزى وتوقيت هذه الغيرة الدولية على بسط الدولة اللبنانية سلطتها على أراضيها.

بقيت هذه الاراضي سنوات وسنوات محتلة، أهلها يستغيثون وأبناؤها يعذبون، فلم يكلف مجلس الأمن نفسه عناء البحث في كيفية تحرير وإخراج العدو منها، وإعادتها الى السيادة اللبنانية.

ولما تحررت هذه القطعة الغالية من محتليها، جاء «الدوليون» ليضعوا شروطهم ويطلقوا تحذيراتهم، لا بل تهديداتهم، بأن عدم نشر الجيش على الحدود اللبنانية سيؤدي الى تدهور خطير في الاوضاع.

اذاً، ليس في الأمر غيرة على المصلحة اللبنانية، بل كل ما في القضية أن هناك من يريد ان يجعل من الجيش اللبناني حرساً له، بعد أن عجز هو عن تأمين الحماية لعدوانه واحتلاله، فجيّش العالم وحرّك المجالس واستصدر التصريحات التي تدعو الى ما يريد.

في لبنان أصوات، في عواصم القرار أصوات، في مجلس الأمن أصوات، هنا وهناك، وفي كل مكان.. ولكن.

كل هذه الأصوات ما هي إلا مجرد صدى لصوت واحد، ينطلق من تل أبيب فتردده الدمى في العواصم.

وكي لا ينخدع بالصوت  والأصداء  أحد، لا بد من التذكير بأن من يخرق الأمن على الحدود ليس اللبنانيين، إنما هو العدو الصهيوني الذي يستمر في احتلال أرضنا في مزارع شبعا، ويواصل اعتقال أسرانا ويرفض دفع التعويضات المستحقة لنا عن اعتداءاته وجرائمه.. وفوق كل ذلك له في كل يوم خرق وعدوان وقرصنة.

التوتير إذاً ليس من هذا الجانب من الحدود، وبذلك تكون رسالة مجلس الأمن قد وُضعت في صندوق البريد الخطأ.

محمود ريّا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.