الجمعة 10-11-2000:
مع كل عملية استشهادية يتردد صداها في سماء فلسطين المحتلة اليوم تتضح صوابية الخيار الذي سار فيه أحمد قصير في ذلك اليوم المشهود من تشرين الثاني عام ثلاثة وثمانين، حين وضع للأمة اساساً جديداً، صارت تتراكم عليه الانجازات عملية بعد عملية، حتى عشنا فرحة النصر الأول، وها نحن سائرون حثيثاً في درب الشهادة لتحقيق النصر الكبير.
ومع كل شهيد يرتفع الى باريه على ارض فلسطين السليبة يتأكد ان خيار الشهادة هو الذي يقود الأمة الى تحقيق اهدافها، وليس اي خيار آخر.
انه التواصل اذاً، وهي المسيرة الواحدة، تتخذ لها محطة في يوم الشهيد، لتنطلق الى عام جديد من التضحية والبذل، تطبيقاً للشعارات وليس ترديداً لها فقط، و«كفى الله المؤمنين القتال».
كانت السماء مدلهمة، سواداً فوق سواد، يعربدون وحلفاؤهم يتمددون، وكان الكلام السائد في كل اقطارنا: لا جدوى، لا امكانية، لا مجال… واتكأ كل واحد على عجزه ليهمس، او حتى ليتبجح بأننا «لا نستطيع».
انها القوة العظمى، انه القدر الذي لا نقدر على مواجهته، انه المخرز… الذي لا تقاومه عين.
ومن قرار احمد قصير واخوته بدأ هذا الجدار السميك الأسود بالتزلزل، فانهارت مفرداته ولبناته واحدة بعد اخرى، ليفتح واسعاً أفق الحرية لأمتنا التي عانت كثيراً من الذين أرادوا ان يفرضوا عليها خيار الذل والانهزام.
وهذه قطرة بعد قطرة، شهيد بعد شهيد، وقافلة تتلوها قافلة، الى ان وصلنا الى هنا، وها نحن نكمل المسير.
الحرية؟
نراها
النصر؟
ذقنا طعمة
الكرامة؟
عرفنا من جديد معناها
الشهادة؟
هي التي صنعت لنا كل ذلك، وهي التي ستقدم لنا أكثر وأكثر، طالما اننا بتكريمنا للشهيد نتعهد من قلوبنا وبكل ما نملك من ايمان بأن نقدم اكثر وأكثر، دون ان نبخل على امتنا بعطاء الدم.
فمع كل شهيد يسقط، ترتفع رايتنا وتكون… امتنا… في ولادة جديدة..
محمود ريا