ننسى؟ كيف ننسى؟

0

الجمعة 21/04/2000:
اللافت في حرب الايام الستة عشر التي نعيش ذكراها هذه الايام، ان الكثير من فصولها تقارب تفاصيله على الامحاء فلا نتذكر الا “النافر” منها، اما ما هو “عادي” فقد صار في خلفية الذكرى. وربما ياتي يوم لا يعود له وجود، لان من ضرورات العصر نسيان التفاصيل وتسطيح النتوءات والتعامل مع الاحداث حسب قربها وبعدها في الزمن، حسب تسليط وسائل الاعلام الاضواء عليها، وليس حسب اهميتها وتاثيرها على مسار الاحداث وتراكم التطورات.؟

وتبدو هذه المقدمة  ضرورية، وضرورية جدا، في سبيل اعادة بعض الاحداث  التي شهدتها تلك الحرب – بكل ما في الكلكمة من معنى – الى الواجهة، بعد ان كادت عتمة الاعلام تبتلعها وتقودها الى غياهب النسيان.

لقد شهدت حرب “عناقيد الغضب” ارتكاب العدو العديد من المجازر الرهيبة – كمجزرة قانا والمنصوري والنبطية الفوقا وسحمر وغيرها- وشهدت ادخال الكثير من المناطق في الظلام واقفال الكثير من الطرقات وتهجير مئات الالاف من المواطنين، وغير ذلك من الممارسات الارهابية التي لا يمكن ان تضيع “يومياتها”. الا ان ما يحصل هذه الايام يقف عند حدود “الاحتفال” بواحدة فقط من هذه الممارسات، ومحاولة تلخيص كل ما حصل في تلك الايام الستة عشر فيها، الى الحد الذي يمكن ان نتوقع معه ان السنوات المقبلة ربما تجعل من هذا الحدث يتيما، لا قبل ولا بعد، اذا ما استمر السير في اتجاه تعظيمه واغفال غيره من الجرائم والممارسات.

ان هذا الكلام لا يعني ابدا التقليل من حجم الجريمة التي ارتكبها العدو في قانا يوم الثامن عشر من نيسان، وانما يهدف في الحقيقة الى  “تحفيز” الاحداث الاخرى وابقائها – مع مجزرة قانا – حية في الذاكرة وفي الواقع، وادانة العدو كل يوم على كل مجزرة، بما يثبت ان الارهاب هو نهج صهيوني متعمد وليس مجرد “غلطة” كما حاول قادة العدو ان يدعوا.

ليس هذا فقط، هناك امور اخرى حصلت في نيسان عام 1996 نكاد ننساها، والذي يقرأ صحافة هذا لالعام في ذكرى تلك الحرب، يدرك بوضوح حجم التجاهل الذي تعامل به الاعلام معها، حيث مرت الذكرى “لا حس لها ولا خبر”.

اين – مثلا – الحديث عن الوحدة الوطنية التي تجلت في تلك الايام، حيث اجتمع كل اللبنانيين على احتضان المبعدين من ارضهم، الذين شردهم العدو بهدف الضغط على لبنان من خلال تحويلهم الى عبء كبير لا يستطيع البلد تحمله، فيرضخ للشروط الصهيونية، وجاء الاحتضان الرسمي والمؤسساتي والشعبي ليفشل هذا المخطط؟

اين الحديث عن صمود المقاومة في مواجهة العدو، واستمرار مجاهديها في دك المسشتوطنات الصهيونية بصواريخ الكاتيوشا حتى اخر لحظةو من الحرب، ما جعل العدو يشعر بالعجز امام هذا الواقع، فيستسلم ويعلن صراحة فشله في تحقيق اهدافه التي ابتغاها من وراء هذا العدوان، وعلى راسها منع تعرض المستوطنات لصواريخ الكاتيوشا؟

اين الحديث عن العمليات التي واصلت المقاومة تنفيذها ضد مواقع العدو وعملائه حتى في ظل احلك الظروف العسكرية، وبرغم سيطرة العدو الجوية الكاملة واستنفار جنوده على كل الجبهات والمواقع، ما اسقط من يد الصهاينة ورقة الحديث عن وقف المقاومة؟

اين الحديث عن النصر الديبلوماسي الذي حققه حينها عندما نال اعتراف العالم بشرعية مقاومته ضد الاحتلال من خلال “التفاهم”، على تجنيب الاهداف المدنية العمليات الحربية، ورفع أي قيد عن استهداف المواقع والاهداف العسكرية؟

واخيرا، اين الحديث عن الدور الذي ادته كل هذه النجاحات في تحقيق الانتصار الكبير الذي نرى زهرته اليانعة اليوم، يتسابق الجميع لشم رحيقها، في حين ان بذورها التي انبتتها انما زرعت في تلك الايام العصيبة من شهر نيسان عام 96.

ننسى؟

كيف ننسى؟

يجب ان لا ننسى كل هذا، والا اصبحنا كما يقال عنا.. “امة تحترف البكاء والهزيمة، ولا تعرف للنصر معنى”؟.

محمود ريا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.