محمود ريا
14-08-2012
“على سيرة” بضع مئات من القتلى، الذين قال قادة العدو إنهم سيسقطون في المواجهة بين الكيان الصهيوني وأعدائه الحقيقيين في المنطقة، فإن هذا الرقم لم يُعجب على ما يبدو المستوطنين الصهاينة، ولذلك هم نزلوا إلى الشارع ليعبروا عن عدم رضاهم عن تسخيف القادة السياسييين للمعاناة التي سيمرون بها في حال قرر مجانين القادة أن يحوّلوا جنونهم إلى فعل.
يقول المستوطنون إن الحكومة التي لا تستطيع إطفاء حريق صغير (نسبياً) في جبل الكرمل لن تكون قادرة بتاتاً على مواجهة الحرائق الكبرى التي سيخلّفها الرد على الحماقة التي يحضّر لها بنيامين نتانياهو وإيهودا باراك.
ولكن هذه “الانتفاضة الشعبية” على “قلّة العقل” عند القادة السياسيين الصهاينة ليست يتيمة أو بلا دعم من أماكن مؤثرة في مراكز القرار، ولا سيما في المؤسستين العسكرية والأمنية في الكيان الصهيوني.
قادة كبار في الجيش، وفي “الموساد” و”الشاباك” يرفعون صوتهم عالياً ويقولون: لا، لا تُقدموا على هذه الحماقة، فنحن (الصهاينة) لسنا قادرين على تحمّل كلفة أي رد على أي خطوة عسكرية من قبلنا.
وهؤلاء يعرفون أكثر من غيرهم، و”كلامهم ثقة”، وعندما يتحدثون عن “الثمن”، فإنهم يقرأون في أرقام دراسات وعمليات استقصاء علمية، ولا ينطلقون من منطلقات عاطفية أو من مصالح سياسية تحكم القادة “ذوي الرؤوس الحامية” الذين لا يحسبون حساباً إلا للمردود السياسي الذي يعتقدون أنهم سيجنونه من خطوتهم الجنونية.
وبناءً على ذلك يبدو أن هناك من يضغط فعلاً على هذه الرؤوس الحامية لمنعها من الاستفراد بالكيان الصهيوني وبالمنطقة ككل من خلال حملة عسكرية على إيران، وربما على غيرها من دول المنطقة، تحت حجة التصدي للبرنامج النووي الإيراني.
إلى ماذا سيؤدي هذا الضغط، وهل يعرقل مشروع الانفلاش العسكري الصهيوني في المنطقة؟
يبدو أن هناك سباقاً حقيقياً بين الطرفين المتقابلين، سباق يتجاوز حدود عملية تقسيم الأدوار واللعب على الحبال والتمهيد لفعلٍ ما عبر اعتماد لعبة الشد والجذب والتقدم والتراجع للتمويه على القرار الحقيقي، الذي يُفترض أن يكون متخذاً في غرفة الحسم الصهيونية السوداء.
ولا يخفى على أحد أن من أسباب الانقسام الحقيقي في مركز القرار الصهيوني تجاه الخطوة المقبلة إزاء المشروع النووي الإيراني هو العِبر التي استخلصتها القيادة الصهيونية من حرب تموز 2006، والهزيمة المنكرة التي تعرض لها جيش الاحتلال وجبهة العدو الداخلية في مواجهة المقاومين وصواريخهم.
طبعاً هذا ليس كلاماً عاطفياً، وإنما هو مستند إلى وقائع كشفها محللون صهاينة منهم ناحوم برنياع الذي تحدث في مقال موسع مشترك مع المحلل العسكري شمعون شيفر نشر الأحد في صحيفة يديعوت أحرونوت عن أن ” العِبر من عام 2006 تخيّم على القيادة عام 2012″.
الخلاصة من كل ذلك أن محاولة التذاكي التي قام بها قادة العدو من أجل طمأنة الصهاينة إزاء الخسائر التي سيتكبدونها في رد الفعل على هجوم صهيوني في المنطقة قد باءت بفشل ذريع.
فهل يكون هذا كافياً للجم الاندفاعة الصهيونية نحو الهاوية؟
لا أحد بإمكانه تقدير إلى أي حد صار المسؤولون الصهاينة مجانين فعلياً.