محمود ريا 10/5/2012 –
تفجيرات دمشق اليوم ـ بغض النظر عن المناظر المرعبة التي تركتها ـ هي دليل نجاح، ودليل فشل.
في البداية لا بد من التأكيد على فظاعة الجريمة ووحشيتها، فهي خبطت خبط عشواء، وأدّت إلى استشهاد وجرح العشرات من المدنيين، وتركت دماراً لا يمكن تصوّره، وما نقلته شاشات التلفزة لا يعبّر إلا عن قليل من الواقع، فالواقع في هذا النوع من التفجيرات يكون أقسى وأكثر إيلاماً، لا بل يصبح فوق المتخيّل.
السوريون لم يعتادوا على مثل هذه المشاهد، ولكن هناك من العرب من صارت هذه الصور طيفاً في خيالهم، يُستدعى فترة بعد فترة، ليذكّرهم بحبيب قضى، وأخ أُعيق، وجرح لا يزال جاثماً على وجه صديق.
وإذا كانت هذه التداعيات إلى الذهن لا تقف عند حدود الذكرى لتتجاوز إلى التخوّف من عودة هذا النوع من الإجرام ليتغلغل هنا وهناك، نتيجة تعاظم إجرام الجهات التي تقف وراءه، فإن الإنصاف يقتضي التوقف عند النجاح، وعند الفشل، اللذين يثيرهما تفجيرا دمشق اليوم.
البداية من عند النجاح، لنقدّم صورة أقلّ قتامةً تنبثق من صور الدم والدمار التي تتوارد على شاشات التلفزة.
لقد نجحت السلطة السورية في امتحان المصداقية الذي خاضته منذ اللحظات الأولى لانطلاق الأحداث في سوريا.
على مدى الأشهر الماضية، كانت القيادة السورية أمام تحدي إثبات مقولتها عن وجود إرهابيين تكفيريين تفجيريين يقودون الأحداث التي تجري في مختلف المناطق، ويوجّهون الأمور باتجاه العنف الدموي الذي يهدف إلى تخريب سوريا وليس لطلب الإصلاح فيها.
ومع كل تفجير كانت تتعرض له العاصمة السورية، أو المدن الأخرى، ولا سيما حلب وإدلب، كانت الصورة تتظهّر أكثر فأكثر. أما اليوم، وبعد التفجير الذي استهدف رئيس بعثة الأمم المتحدة في درعا، والتفجيريين الدمويين في القزّاز، فإن الإثبات بات بين أيدي من يعقل، أو يُلقي السمع وهو شهيد.
لم يعد هناك من شك في أن الإرهابيين هم الذين يسوقون الأحداث في سوريا، وهم الذين يرسمون وجهتها، وأن كل الحديث عن معارضة، وعن مطالب، وعن إصلاح، هو مجرّد “ديكور” فيما الأصل هو غير ذلك تماماً.
إذاً، المعركة في سوريا باتت واضحة تماماً، هي معركة بين الشعب السوري وقيادته من جهة، وبين مجموعات تسلّطت على حراك شعبي بريء، بدأ في البداية باحثاً عن إصلاح منشود ومطلوب من الجميع، ليصل الآن إلى حرب كونية عظمى، تُشنّ على سوريا كلها، بأيدي إرهابيين قَتَلة، لا يوقفهم وازع من ضمير.
هذا هو النجاح، أما الفشل، فهو مكمل له.
الفشل هو لمشروع القوى التي تقف وراء هؤلاء الإرهابيين.
لقد حاولت هذه القوى الغربية والعربية استغلال الحركة الشعبية المطلبية السورية من أجل تمرير مشاريعها الهادفة إلى القضاء على صمود سوريا في وجه المشاريع الغربية، فسارت وراء شعارات السلمية حتى أثبتت فشلها في تأمين غالبية شعبية تطالب بإقصاء القيادة السورية، عندها حاولت هذه القوى الانتقال إلى مشاريع العسكرة والمناطق الآمنة والاستيلاء على أراضٍ لتحويلها إلى بنغازي جديدة، ولمّا فشلت هذه المشاريع أمام صمود القيادة والجيش والشعب في سوريا، كان لا بد من تفجير كل شيء، تفجير يحمل معاني الانتقام واليأس من تحقيق الأهداف.
وهنا يبدو الفشل الغربي العربي الإرهابي جليّاً.
تفجيرات اليوم، وما سبقها من تفجيرات إرهابية، هي إعلان لهذا الفشل في الفتّ من عضد الشعب السوري وقيادته، وإظهار لحجم الانهيار الذي أصاب مشروع التغيير بالبلطجة والتشبيح.
سوريا اليوم مجروحة، مدمّاة، ولكنها سوريا المنتصرة على المؤامرة، ويوماً بعد يوم تتأكد مقولة أن “سوريا تعاني.. عند نهاية النفق”.