بعد اعتراف ليرنر بقضم مناطق على الحدود: لماذا سينسحب العدو من “كامل” الارض اللبنانية؟

0

الجمعة 03/03/2000:
الصهاينة سينسحبون..

قد تكون هذه الحقيقة الاكثر تمتعا بالمصداقية في ظل “الحقائق” الزئبقية التي تعيشها المنطقة، والتي تتغير يوما بعد يوم، وربما ساعة بعد ساعة، فيصبح الممكن مستحيلا، وغير المتوقع واقعا، والذي يتفق عليه الجميع موضع إنكار من الجميع.. ايضا.

اذاً، وبينما يسود الضباب كل المحاور والمسارات، وتتضارب الوساطات والجولات، فإن هناك شيئا ثابتا، وهو في تمام الوضوح، خلاصته ان العدو سينسحب من الارض اللبنانية، في اقرب فرصة ممكنة، لانه ببساطة، لم يعد قادرا على تحمل الخسائر التي يتكبدها نتيجة الضربات التي يوجهها مجاهدو المقاومة الاسلامية لجنوده وعملائه.

ولكن، مع كل هذا الوضوح، فإن اسئلة لا بد من ان تثور، وعلى رأس هذه الاسئلة ذلك الذي يقول: الانسحاب الى اين؟

بعيدا عن الاشكالية التي يطرحها فهم السؤال بصيغة الاستفسار عن المكان الذي ستذهب إليه قوات الاحتلال، وهل هذا الانسحاب يعني ان هناك “فض اشتباك سيحصل” لان ارضـ”نا” تحررت، وعلى “الاخرين” ان يعملوا لتحرير ارضهم، فإن ما هو مقصود من هذا السؤال هو التالي: الى اية حدود سينسحب الصهاينة، وهل هناك خط واضح يجب ان يكون جنود العدو خلفه حتى يصدق القول ان العدو انسحب من الاراضي اللبنانية؟

من الجانب اللبناني الصورة واضحة، فإن اقل المطلوب هو ان يتراجع العدو الى “الحدود المعترف بها دوليا”، وبعد ذلك تفتح الملفات الاخرى المتعلقة بالقرى السبع، او بغيرها من الاراضي الاخرى التي احتُلت على فترات متفاوتة خلال العقود الاولى من هذا القرن.

الا ان الصورة في الجانب الاخر ليست على هذا القدر من الوضوح.

يقول جوناثان ليرنر، مسؤول قسم التخطيط الاستراتيجي في هيئة الاركان التابعة لجيش العدو في مقابلة اجرتها القناة الاولى العبرية في التلفزيون الصهيوني يوم الاحد الماضي (27/2): “ان الجدار الحدودي القائم حاليا لا يرسم الحدود الدولية، وقد قمنا خلال سنين بتحريك الحدود نحو الداخل… وعند منطقة اصبع الجليل حركناها غربا”.

وعندما يسأله المراسل: ألا يعني هذا نوعا من القضم داخل لبنان، يكون جواب ليرنر: “(المنطقة الامنية) بكاملها منطقة تنطوي على اشكالات في مجال التعريف فيما اذا كانت داخل المنطقة اللبنانية ام لا”.

قد يكون هذا الكلام هو اوضح اعتراف من مسؤول صهيوني بأن العدو سيبقى بعد “خروجه من لبنان” يحتل ارضا لبنانية لا بد من تحريرها انطلاقا من المبدأ الذي يجمع عليه اللبنانيون وهو ان المقاومة مستمرة حتى تحرير “آخر شبر” من الاراضي اللبنانية.

الانسحاب حاصل حتما، وعندما يحصل فإن السؤال سيكون كبيرا: هل يستطيع لبنان ان يعين بدقة “الحدود المعترف بها دوليا” التي ينبغي للعدو ان يتراجع إليها؟ وهل بدأ العمل بشكل جدي من اجل “استنباش” الخرائط التي ترسم هذه الحدود وتمنع العدو من الاحتفاظ “بشبر من الارض اللبنانية”؟

بانتظار الجواب، الذي ينبغي ان يكون حاضرا وإيجابيا، لا بد من لفت النظر الى ان العدو نفسه يعرف انه لن يستطيع الاحتفاظ بأي شبر من ارضنا.

لماذا؟

يقول ليرنر: “ان الطرفين (لبنان والكيان الصهيوني) يعرفان قراءة الخريطة جيدا.. ان الابقاء على جيوب.. وحقيقة البقاء داخل المنطقة هناك يشكلان مبررا لإمكانية نشوب حرب حول هذه المناطق، ما دمنا نتمسك ونقتطع أراضي لبنانية”. ويقول بلغته التي تعود على مصطلحاتها التي تحمل الكثير من الاشكالات: “ان وجودنا داخل لبنان يخلق ذريعة لحزب الله لقتالنا”.

بعد التجربة المرة التي عاشها العدو في حربه مع حزب الله، لا يبدو انه يريد معارك اخرى، ولذلك.. سينسحب.
محمود ريا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.