“صالح” و”يوسف” يتحدثان لـ”العهد” عن لحظات تنفيذ العمليتين البطوليتين…..
الجمعة 04/02/2000:
تقارب الموعدان، فكان الصدى قويا، وإن كان لكل موعد وقعه الخاص ونكهته المميزة، ونتيجته التي ستترك اثرها الى مدى طويل.
اقل من اربع وعشرين ساعة بين الفعل الاول، أي طي كتاب العمالة للمجرم عقل هاشم مع ما يفرزه ذلك من تغييرات ميدانية على صعيد وضع الميليشيا العميلة المنهارة اصلا، وبين الفعل الثاني أي اقتناص جنود العدو داخل حصونهم التي احتجزوا انفسهم بها هربا من القضاء المحتم الذي سيطالهم على ايدي مجاهدي المقاومة الاسلامية.
ومع تسابق المواعيد، وتمازج النتائج، كان لا بد من ان يكون اللقاء مزدوجا، حيث يحكي كل واحد عن فعل يديه، مكبرا في الاخر حجم جهاده، متمنيا لو كان معه، ليكون مشاركا في هذا الحدث العظيم.
بعد ترتيبات وإجراءات، قام بها الاخوة المعنيون على اكمل وجه، حصل اللقاء، ولدى كل واحد قصة يحكيها ويكتفي، نحاول ان نلاحقه بالاسئلة، لنعرف المزيد عن هؤلاء الابطال الذين اذلوا العدو وأذاقوه وعملاءه مر الموت، فيجيب بثقة هنا، وباختصار هناك، وأحيانا يقتصر رده على ابتسامة، واعتذار عن عدم القدرة على التوغل بعيدا في بحر المعلومات، الذي يملك منه الكثير، ولا تسمح له دقة عمله وحرصه على نجاحه بأن يبوح منه الا القليل.
صالح ويوسف، مجاهدان، احدهما كان له دوره الفاعل والاساسي في عملية إعدام العميل عقل هاشم، والثاني كان دوره المحوري ايضا في عملية اصطياد ضباط العدو وجنوده في مواقع العزية، التقتهما “العهد” في مكان ما، وكان هذا الحوار:
إعدام العميل هاشم
نبدأ من الاخ صالح الذي نسأله عن دوره في عملية اعدام العميل عقل هاشم فيجيب:
كان لي دور تنفيذي في العملية اضافة الى دور آخر يتعلق بالرصد الدقيق لها.
كم استغرق التحضير لهذه العملية؟
لقد اخذ منا التحضير لهذه العملية وقتا طويلا، حيث كان هناك رصد دقيق ومكثف لحركة العميل هاشم، فتم رسم صورة واضحة وشاملة لمسار تحركه الذي كان يتبدل بشكل دائم، وبعد فترة طويلة من الرصد، تم تحديد نقاط المقتل التي يكون تنفيذ العملية فيها ناجحا تماما، وبعد ذلك اختيرت النقطة المناسبة التي تؤمن مقتله وجرى اعداد الكمين ووضع العبوة الناسفة على هذا الاساس.
ولكن ألم تعانوا من عقبات اثناء القيام بعملية الرصد هذه؟
اذا اعطينا صورة مجملة لموقع تنفيذ العملية يمكن معرفة حجم الاجراءات الامنية التي تجاوزناها ونحن نقوم بالاعداد لهذه العملية، فبلدة دبل تبعد كيلومترين اثنين فقط عن الحدود مع فلسطين المحتلة، وهي محاطة بالعديد من المواقع التابعة للفوج الـ80 في ميليشيا العملاء اضافة الى مواقع تابعة للعدو الصهيوني.
وبالتحديد، فإن بلدة دبل تبعد اقل من 500 متر عن موقعي حميد والقوزح، كما تبعد حوالى 800 متر عن موقعي الجاموسة ورشاف.
وإضافة الى ان هذه المواقع تشرف بالرؤية على بلدة دبل، فإن العدو وعملاءه يملكون اجهزة الكترونية متطورة هدفها مراقبة التحركات في المنطقة ورصد كل شاردة وواردة.
وفوق كل هذا، فإن المنزل الذي كان العميل هاشم يقطنه يحتوي على تجهيزات الكترونية مماثلة اضافة الى الحراسة الدائمة القائمة عليه.
هذا هو وضع المنطقة، وهذه هي ظروفها الامنية، وبينما كان عقل هاشم يعتقد ان هذه المنطقة آمنة جدا بالنسبة إليه، كنا نحن نبذل الجهود المطلوبة منا لاختراق الخط الامامي وتجاوز كل هذه العوائق، ومن ثم الوصول الى المكان الذي استطعنا منه رصد تحركات هذا العميل بشكل دقيق، وتحديد طبيعة المنزل الذي يتردد إليه، حيث تبين انه منتزه يلتقي فيه الضباط الصهاينة و”الضباط” اللحديون، ويستخدمه لاستراحته من فترة الى اخرى، ولكن ليس في مواعيد محددة، ما جعل عملية رصده وتحديد وجوده في المنزل لحظة تنفيذ العملية خطوة معقدة، تمكنا بحمد الله من تنفيذها بنجاح، لتأتي النتيجة كما كنا نخطط.
هل هناك ظروف أخرى فرضت اختيار هذا المكان بالضبط لتنفيذ العملية؟
نعم، فنحن كنا حريصين على اختيار نقطة بعيدة عن المدنيين، ولذلك كان موقع المنتزه مناسبا جدا، بسبب عدم وجود أي منازل حوله، كما ان حركة المواطنين امامه قليلة جدا، وهذا ما ينفي احتمال اصابة أي مدني في العملية.
بصفتك واحدا من الذين شاهدوا العميل هاشم للمرة الاخيرة قبل اعدامه، هل تصف لنا وضعه؟
كان العميل هاشم يتحرك بشكل طبيعي، ويبدو عليه الاطمئنان، معتمدا على وجود الاجراءات الامنية التي تحميه، وحسب ما شاهدناه فهو كان يجهز “الكانون” لشواء اللحم، وكأنه ينتظر احدا، فشوته العبوة في الدنيا، وبعثته الى نار الجحيم في الاخرة.
يلاحظ في شريط الفيديو ان العميل هاشم كان كثير الحركة، فهل شكل ذلك صعوبة اضافية لكم؟
بالفعل، فالعميل هاشم كان يغتنم وجوده في ذلك المنتزه من اجل التنزه، وبالتالي فهو لا يبقى واقفا في مكان واحد لفترة طويلة، وكذلك نحن انتظرناه حتى وصل الى نقطة المقتل، حيث بات قريبا جدا من العبوة، ففجرناها، وكانت القاضية.
هل اصيب احد آخر في هذه العملية؟ لقد روجت بعض وسائل الاعلام ان بعض اقرباء العميل اصيبوا، فهل هذا صحيح؟
ما استطع تأكيده هو انه لم يُصب احد من المدنيين بأذى خلال هذه العملية، كما اؤكد ـ من خلال المراقبة الدقيقة ـ ان ابن العميل هاشم كان في المنزل خلال تفجير العبوة، ونحن كنا حريصين جدا على ان لا يصاب ابرياء خلال هذه العملية، وقد حققنا هذا الهدف بحمد الله.
يتحدث قادة العدو عن عبوات جديدة يستخدمها المجاهدون في عملياتهم، فهل هذه العبوة منها؟
تعتمد المقاومة الاسلامية على مبدأ التطوير الدائم لقدراتها القتالية، سواء على مستوى التكتيكات او على مستوى الوسائل المستخدمة في العمليات، وقد ظهر ذلك في اكثر من مرة، والعبوة التي قتلت العميل هاشم تأتي في اطار هذا التطور.
لحظة تفجير العبوة، ماذا حصل؟
بمجرد تفجير العبوة الناسفة سقط العميل على الارض، وقد تأكدنا من مقتله لأنه بقي دون حركة لفترة طويلة، وقد اقترب ابنه الذي كان داخل المنزل وسمعنا صراخه طالبا النجدة، لكن احدا من الحراس لم يجرؤ على التقدم الى حيث العميل قبل مرور نصف ساعة من تنفيذ العملية.
ما هي مشاعرك في لحظة تأكدك من اعدام العميل المقبور؟
لقد احسست بأننا انتقمنا لكل الذين ارتكب هذا العميل جرائمه بحقهم، وهم كثر بلا شك في مختلف المناطق، اضافة الى شعوري الاساسي بأني اديت التكليف الموكل إلي، وهذا هو الاهم.
عملية العزية
الاخ يوسف كان مستمعا بإصغاء الى الحوار الدائر مع الاخ صالح، ولما التفتنا إليه كان التأثر باديا على وجهه، ولا سيما عندما سمع الاجابة الاخيرة، حيث احس انها جاءت بلسما لشوقه الكبير الى المشاركة في عملية اعدام العميل هاشم، فهو ايضا ادى تكليفه وبالتالي يحق له ان يشعر بالراحة.
نبدأ بالسؤال: لا نسمع كثيرا بموقع العزية، فما هي طبيعته، وما هي قصته؟
موقع العزية هو موقع صهيوني اقامته قوات الاحتلال بداية التسعينيات في عمق المنطقة المحتلة، وهو يبعد عن المطلة حوالى كيلومترين اثنين، ويشرف على مناطق عدة في المنطقتين المحتلة والمحررة، كما يسيطر على الممرات والاودية الموصلة بين المنطقتين، وهو موقع مدعم ومجهز بأحدث التجهيزات الالكترونية ويضم اجهزة رؤية ليليلة وأجهزة رادار لكشف الافراد، وتتمركز حوله العديد من دبابات الميركافا لحمايته، كما ان العدو ينفذ كمائن دائمة في محيطه، وهذا يعني ان من الصعب جدا الوصول الى هذا الموقع، سواء بسبب بعده عن المنطقة المحررة، او بسبب التجهيزات التي يحتويها.
امام كل هذه الوقائع، كيف استطعتم الوصول الى هذا الموقع واصطياد جنود العدو فيه؟
لقد استغرق التحضير لهذه العملية وقتا طويلا، وطويلا جدا، حيث استطعنا خلال هذه الفترة مراقبة تحركات العدو بقوة، ومعرفة كل التفاصيل اللازمة عن الموقع، وعن الجنود الذي يخدمون فيه والذين يدخلون اليه والذين يخرجون منه، كما استطعنا تحديد ماهية الاجراءات الامنية المتبعة والاجهزة الالكترونية المستخدمة، كل هذه المعلومات مكنتنا من وضع الخطة اللازمة لتنفيذ العملية في الوقت المناسب وتحقيق اقسى الخسائر في صفوف العدو والعودة بسلام، وقد نفذنا هذه الخطة بدقة، وحصلنا على النتيجة التي عملنا لأجلها والحمد لله.
هل كانت مجموعتكم هي الوحيدة التي عملت على تنفيذ العملية؟
لقد كان هناك العديد من المجموعات التي شاركت في تحقيق هذه النتيجة، وكل واحدة منها كانت تقوم بالدور المطلوب منها، وكانت هناك مجموعة قريبة جدا من الموقع، وهي التي استخدمت الاسلحة الصاروخية لضرب الدشمة الرئيسية عند التأكد ـ من خلال الرصد الدقيق ـ من وجود عدد كبير من جنود العدو في هذه الدشمة في تلك اللحظة.
لقد اعترف العدو بمقتل ثلاثة جنود وجرح أربعة آخرين، هل تعتقد أن هذ هو الرقم الحقيقي للاصابات؟
لقد تأكدنا من وجود سبعة جنود في الدشمة خلال توجيه اسلحتنا إليها، كما ان اصابات اخرى وقعت خلال قصفنا للدشم الأخرى، ما يعني ان هناك اصابات اكثر من التي أعلن العدو عنها، وربما اعلن العدو قريبا عن مقتل عدد من الجنود في حوادث سير او من خلال صعقهم بالكهرباء.
الى أي حد ترى انكم وفقتم في تحقيق الهدف الذي سعيتم إليه في هذه العملية؟
لقد اتبع العدو في الفترة الاخيرة استراتيجية جديدة تتمثل في سحب الجنود الى المواقع، ومنعهم من الحركة داخل الشريط المحتل وذلك لتجنب وقوع اصابات في صفوفهم، كما استخدم احدث الاجهزة التقنية والالكترونية لحماية هؤلاء الجنود، وحصن المواقع بشكل يفوق التصور، واعتقد ان كل هذه الاجراءات قادرة على تحقيق هدفه في تقليص لائحة القتلى في صفوف قوات العدو.
ما حصل في هذه العملية اننا استطعنا ملاحقة جنود العدو الى مواقعهم المحصنة واختراق الاجراءات الامنية والالكترونية، وتوجيه ضربة صاعقة لهؤلاء الجنود، وقتل عدد كبير منهم.
بالمقارنة يتبين اننا استطعنا تحقيق هدفنا، ومنعنا العدو من تحقيق اهدافه، وهذا بالضبط ما كنا نريده من عمليتنا وقد تحقق.
محمود ريا