بعلبك ـ الهرمل أكدت التزامها نهج المقاومة: النتائج كانت واضحة قبل فرز الصناديق

0

الجمعة 08/09/2000:

انتهت المعركة الانتخابية في بعلبك ـ الهرمل قبل ان تبدأ، وكان ما افرزته صناديق الاقتراع مساء الاحد الماضي هو “تحصيل حاصل” ومجرد تظهير صورة للواقع الموجود على الارض.

الجالس في السهرات العائلية و”القعدات” المنزلية خلال اليومين اللذين سبقا نهار الاقتراع، كان يشهد بأم عينيه ما ستكون عليه الاوضاع في كل المنطقة، فالكلمات في كل المنازل متشابهة والموقف واضح.

وكان هناك نقاشات، ودخل الناس في التفاصيل وتحدثوا عن هذا الاسم او ذاك، أبدوا آراءهم، استوضحوا عن بعض ما كان غامضا لديهم، لم يتركوا سؤالا “يعتب عليهم”، وعندما كانت تأتيهم الاجابات كانوا يتفاعلون معها، فتحولت السهرات في القرى والبلدات والاحياء الى ديوانيات، يعبّر كل واحد فيها عن خياره.

في اليوم التالي ترجم هذا الخيار.

كانت الصناديق تكشف عن عدة حقائق حاول التهويل الاعلامي والزعيق العالي من قبل البعض ان يخفيها او يشوس عليها.

الناس مؤمنة بخيارات حزب الله، وملتزمة بقراره، ومصرة على انجاح التحالفات التي دخل فيها، فهي أعطته الغالي يوم كانت الحاجة اليه، وهي اليوم على أتم التأهب لتعطيه المزيد حين الطلب، وهي صاغت معه خيارات ودخلت في تفاصيل جوانبها ومكوناتها، وتفهمت كل الظروف التي أملتها، وبما ان الهدف هو الحفاظ على الانتصار الذي صنع بالبذل، فالبذل لتحقيق هذا الهدف هو مكمل لما سبق، ولا مجال لنقاشه والبحث فيه.

اللائحة التي كان حزب الله عمودها الفقري كانت تضم مختلف القوى الحية والشخصيات البارزة في المنطقة، ولذلك جاء الالتزام بها من قبل مختلف الاطراف بمثابة نتيجة طبيعية لعوامل ثابتة.

الجولة على اقلام الاقتراع في مختلف مناطق بعلبك ـ الهرمل تعطي صورة واضحة عن هذا الالتزام، فالذين صوتوا للائحة الائتلافية لم يكونوا ابناء جانب واحد من المنطقة، او سكان قطاع محدد او مجموعة معينة من القرى، وإنما التصويت كان شاملا ابتداء من حدود قضاء زحلة (تمنين التحتا) وصولا الى الحدود السورية (القصر) ومن اقصى “الشرقي” (النبي شيت وعرسال) الى اقصى الغربي (الحدث والسعيدة)، وما بينها من قرى وبلدات ومزارع ومدن. هذا ما عاشه المراقب لعملية التصويت خلال النهار، ومن خلال اللقاء مع المندوبين والمقترعين، وكذلك ما أظهرته النتائج التي صدرت عند فرز الصناديق، فكان الشعور في مكانه والالتزام كاملا في نتائجه.

النقطة البارزة في انتخابات منطقة بعلبك ـ الهرمل هي تلك المتعلقة بـ”المنافسة” بين اللوائح التي تشكلت في المنطقة، واللافت ان هذا التنافس كان بين اعضاء اللائحة الثانية (قرار البقاع) والثالثة (الوفاء لأبناء بعلبك الهرمل)، بهدف الحصول على اكبر عدد من الاصوات المتبقية، لا بل ان التنافس وصل الى قلب كل لائحة، حيث لعب “التشطيب” دورا بارزا في اظهار مدى التفكك الذي حكم العلاقة بين المنتمين اليها، وهذا ما ترجم نفسه في الاشكالات التي حصلت بين مندوبي اللائحة الثانية والحديث عن انسحاب عدد من المرشحين المنتمين اليها خلال ساعات يوم الاقتراع.

في المقابل فإن اللائحة الائتلافية كانت خارج اطار التنافس حيث التزم الناس بها، وتركوا لمن تبقى فتات الاصوات للتصارع عليه.

الا ان هذا الواقع لم يعكس نفسه برودا في العملية الانتخابية. بل العكس، فالمنطقة كانت حامية جدا يوم الانتخاب، لان الاهالي كانوا في خضم جولة من المعركة الحماسية لتسجيل اكبر عدد ممكن من الاصوات للائحة الائتلافية، وذلك بهدف الرد على الادعاء بأن المشكلة بحزب الله اولا وباللائحة ثانيا.

لقد عمل البعض على اثارة العصبيات المناطقية، وتوسلوا لتحقيق غاياتهم اساليب لئيمة وخبيثة، وبدأوا بإثارة “النفَس العنصري” واللعب بنار “الصراعات” الفئوية، ولم يكتفوا بالعمل على اثارة اهل المنطقة على غيرهم، بل تعدوا ذلك الى اثارة هذه القرية على تلك، وهذه المدينة على شقيقتها، والحديث عن مظلومية هنا ومظلومية هناك.

لقد ظن هؤلاء انهم بلعبهم على هذا الوتر يمكنهم ان يحصلوا على بعض الاصوات، ولكنهم وقعوا بشرّ اعمالهم، فكان لمحاولة اثارة هذه الحساسيات انعكاس مختلف تماما، اذ من المعروف ان اهالي المنطقة يمقتون هذا الاسلوب في التعاطي معهم، وينبذون كل من يحاول تقسيمهم على اساس مناطقي وفئوي، وهذا ما اكدته نتائج صناديق الاقتراع في النهاية.

بقيت مسالة اساسية كان لها دورها الاكثر تاثيرا على خيارات الناخبين ومدى التزامهم باللائحة الائتلافية، وهي تتمثل بالخطاب الشامل الذي ألقاه الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله قبل يومين من موعد الاقتراع في بعلبك، والذي كشف فيه الكثير من الحقائق التي كان لا بد من رفع الغطاء عنها، ولا سيما في ما يتعلق بمحاولة البعض اثارة الضباب حول خيارات المقاومة وجهاد ابطالها، وعندما وضع سماحته النقاط على الحروف وتحدث بصراحة مطلقة وشرح وافٍ عن هذه المحاولات، ازداد الموقنون يقينا واطمأنت قلوب من كانوا مؤمنين، اما من كان لديه بعض شك او درهم تساؤل فقد كان في ما سمعه اجابات شافية، فحسم خياره وعبّر عنه في الصناديق.

بهذا الوضوح تعاطى اهالي المنطقة مع قضية الانتخابات النيابية، التي لم تكن فرصة لاختيار اشخاص فقط، انما هي سانحة لتأكيد الالتزام بنهج محدد في الوقت الذي حاول فيه البعض استعمال ما يمكن من اساليب هدامة ولئيمة في محاولة يائسة وبائسة للتشكيك بهذا الالتزام.

محمود ريا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.