أزمة اليسار

0

الجمعة 08/09/2000:

انتهت الانتخابات النيابية في لبنان الى نتائج ظاهرة تمثلت بوصول بعض الاشخاص الى مقاعد مجلس النواب وفشل البعض الآخر في تحقيق هذا الامل نتيجة العديد من الظروف والاسباب التي تختلف بين منطقة وأخرى، وحتى بين صندوق وآخر.

الا ان هذه الانتخابات أفرزت ايضا بعض النتائج التي بقيت بعيدا عن السطح الاعلامي. واحدة منها تتمثل بهذا الفشل الذريع الذي اصاب اليسار اللبناني في تمثيل نفسه في مجلس النواب، والعجز عن ايصال أي نائب الى ساحة النجمة، او حتى ايصاله الى درجة المنافس الاول لغيره من المرشحين.

لماذا هذا الفشل؟

الجواب البديهي عند ممثلي تيار اليسار بشكل عام وأحزابه المتقاربة / المتنافرة بشكل خاص، هو الحديث عن الضغوط والممارسات والاجهزة، وغير ذلك من الاسباب والمبررات التي يمكن التوقف عند بعضها بعد تجاهل البعض      الاخر بشكل كامل.

ولكن هل هذه هي الاسباب فقط؟ ام انها لا تعدو كونها محاولة للهروب من مواجهة الاسباب الحقيقية؟

الا يوجد بعض الاسباب الذاتية التي أدت الى هذا الفشل الذي يمكن وصفه بكل راحة بأنه فشل ذريع؟

لنأخذ ساحة الجنوب مثالاً.

لقد كان أمام اليسار تحدّ كبير يتمثل في اللائحة الائتلافية، وأول ما يتبادر الى الذهن عند مواجهة هذا التحدي هو العمل على لملمة الصفوف وتجميع القوى من اجل الوصول الى تحقيق اختراق ما، او على الاقل اثبات الوجود أمام ما يحلو لهؤلاء ان يسّموه بالمحدلة.

ما تحقق على الارض كان العكس تماما:

تشرذم وتشدد في المواقف من الرفاق قبل “الاعداء”.

تشكيل لوائح متعددة تضم في صفوفها “اطرافا” كان من المفترض ان يكونوا طرفا واحدا في مواجهة الاخرين.

تنطّح اشخاص وخالفوا اوامر القيادة وأصروا على ان يكونوا هم مرشحي التيار، وتصلبت القيادة تجاههم فحصل الانقسام.

دارت صراعات وتطايرت التصريحات ووصلت الى حد “انزال الحرم” من هذا على ذاك، ومن ذاك على ذلك.

هل هذه الاسباب ناشئة من الخارج وهي نتيجة ظروف موضوعية، ام انها دليل على وجود ازمة في التيار لا بد من النظر اليها والبحث في كيفية حلها قبل البحث عن الاسباب في الخارج؟

هل تكون الانتخابات محطة للتأمل، ام هي فرصة تمر وينسى الجميع الخلافات لتعود وتطل برأسها بعد خمس سنوات؟

محمود ريا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.